أَنا الْبُزُق… أَحْسَــنْـتُم… أَنا الْبُزُق… اسْتَمِعوا إلى أَلْحاني الْعَذْبَةِ قَـليلًا…

أَنا آلَةٌ موسيقِيَّةٌ وَتَرِيَّةٌ، يُعْزَفُ عَلَيَّ نَقْرًا بِواسِطَةِ الرِّيشَةِ… لَدَيَّ وَتَرانِ مُزْدَوِجانِ اثْنانِ، الْأَوَّلُ اسْمُهُ يَكاه (صول) وَالثَّاني اسْمُهُ راست (دو)؛ وَتُصْنَعُ مِنْ فولاذٍ أَبْيَضَ لِلْأصْواتِ الْحادَّةِ وَنُحاسٍ أَحْمْرَ لِلْأصْواتِ الثَّقيلةِ… المزيد

أَنا الْبُزُق… أَحْسَــنْـتُم… أَنا الْبُزُق… اسْتَمِعوا إلى أَلْحاني الْعَذْبَةِ قَـليلًا…

أَنا آلَةٌ موسيقِيَّةٌ وَتَرِيَّةٌ، يُعْزَفُ عَلَيَّ نَقْرًا بِواسِطَةِ الرِّيشَةِ… لَدَيَّ وَتَرانِ مُزْدَوِجانِ اثْنانِ، الْأَوَّلُ اسْمُهُ يَكاه (صول) وَالثَّاني اسْمُهُ راست (دو)؛ وَتُصْنَعُ مِنْ فولاذٍ أَبْيَضَ لِلْأصْواتِ الْحادَّةِ وَنُحاسٍ أَحْمْرَ لِلْأصْواتِ الثَّقيلةِ…

أنا ابْنُ عَمِّ الْعودِ الشَّهيرِ… وَلَكِنِّي أَتَـمَيَّزُ عَنْهُ بِأَنَّ قامَتي جِدًّا طَويلَةٌ… طَويلَةٌ جِدًّا جِدًّا… وَظَهْري أَصْغَرُ مِنْهُ… ها ها ها … أَنا أَتَّبِعُ حِمْيَةً، أَيْ”ريـجيم”، وَأُحِبُّ أَنْ تَكونَ قامَتي دائِـمًا مَمْشوقَةً وَنَـحيفَةً… كما أَنَّني أَحْوي “دَساتينَ” عَلى زِنْدي، تُـحِدِّدُ وَضْعِيَّةَ أَصابِعِ الْعازِفِ عَلى أَوتاري، فَيُصْبِحَ الْعَزْفُ عَلَيَّ أَسْهَلَ وَأَدَقَّ… وَأَجْمَلَ طَبْعًا طَبْعًا…

يَسْتَخْدِمونَني كَثيرًا في الْموسيقاتِ التَّقْليديَّةِ الشَّعْبِيَّةِ، وَيُـحِبُّونَ صَوْتيَ السَّاحِرَ كَثيرًا في الرَّقَصاتِ وَالدَّبْكاتِ وَالْحَفَلاتِ الشَّعْبِيَّةِ. أنا لَسْتُ آلَةً أَساسِيَّةً في التَّخْتِ الْموسيقيِّ الْمَشْرِقيِّ، وَلَكِنَّني كُنْتُ أُشارِكُهُ بِاسْتِمْرارٍ.

ما رَأْيُكُمْ لَوْ تَسْمَعونَ صَوتي الآنَ.

أَنا الدِّرْبَكَّة… دِرْبِكْ دِرْبِكْ دِرْبِكْ…وَيُسَمُّونَني أَيْضًا الطَّبْلَة… طُبُّلْ طُبُّلْ طُبُّلْ…

أَنا الْآلَةُ الْإيقاعِيَّةُ الْأَكْثَرُ شَعْبِيَّةً وَالْأَكْثَرُ شُهْرَةً… دِرْبِكْ دِرْبِكْ دِرْبِكْ… طُبُّلْ طُبُّلْ طُبُّلْ…

هَلْ تَعْرِفونَ مِمَّا أَنا مَصْنوعَةً؟!… أَنا لَسْتُ مَصْنوعَةً مِنَ الْخَشَبِ بَتاتًا بَتاتًا… نَعَمْ أَنا مَصْنوعَةٌ مِنَ الْفَخَّارِ… أَجَلْ الْفَــخَّـــــــــــــــــــــــار! لِذا، احْذَروا أَنْ أَقَعَ عَلى الْأَرْضِ… لِأَنِّي حينَها سَوْفَ أَنْكَسِرْ…

أَمَّا في هَذا الْعَصْرِ، فَباتوا يَصْنَعونَني مِنَ الْمعادِنِ كَالْأَلـمنْيومِ مَثَلًا تَـجَنُّــبًا لِلْكَسِرِ!

وَجْهي الْعُلْوِيُّ دائِرُيُّ الشَّكْلِ، يُشَــــــــــدُّ عَلَيْهِ جِلْدٌ حَيَوانيٌّ كَالسَّمَكِ مَثَلًا… وَأَحْتاجُ لِحَرارةٍ دائِـمَةٍ كَيْ يَـبْقى الْجِلْدُ مَشْدودًا أَثْناءَ الْعَزْفِ، وَلِـحَلِّ هَذِهِ الْـمُشْكِلَةِ، أَصْبَحوا يَصْنَعونَ وَجْهي مِنْ مَوادَّ صِناعِيَّةٍ كَالبْلاسْتيك.

يَـحْضُنُني الْعازِفُ، وَيَضَعُني عَلى رِجلِهِ الْيُسْرى وَيَغْمُرُني بِيَدِهِ الْيُسْرى أَيْضًا، وَيَعْزِفُ عَلَيَّ ضَرْبًا بِيَدَيْهِ الْاثْـنَتَينِ. أُضْرَبُ ضَرْبَةً قَوِيَّةً تُسَمَّى “الدُّمّ”، وَأُخْرى خَفيفَةً تُدْعى “التَّكْ”؛ وَبِهاتَيْنِ الضَّرْبَتَيْنِ أَقومُ بِضَبْطِ الْقِطَعِ الْموسيقِيَّةِ… دم دم تك دم دم تك تك تك…

لِذلِكَ لا أَسْــبِقُ الْمُغَنِّـي وَلا هُوَ يَسْــبِقُني… فَنَحْنُ نَـمْشـي دائِمًا مَعًا… دم تك دم تك…

أَنا لَسْتُ أَبَدًا مِنْ أَفْرادِ التَّخْتِ الْموسيقيِّ الْمَشْرِقيِّ، غَيْرَ أَنِّي، وَبِكُلِّ فَخْرٍ، سَيِّدَةُ الرَّقْصِ.. وَسَيِّدَةُ الدَّبْكَةِ… وَسَيِّدَةُ الْاحْتِفالاتِ الشَّعْبِيَّةِ وَالْقَرَوِيَّةِ… هَيَّا نَدْبُكُ سَوِيَّةً دم دم دم تك دم تك تك تك تك…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *