بدعوة وتنظيم من جمعيّة “طرابلس حياة”، وبالاشتراك مع “بيت الموسيقى” في جمعيّة النجدة الشعبيّة اللّبنانيّة، وفي سياق فعاليّات “طرابلس عاصمة للثقافة العربيّة للعام 2024”، ولمناسبة عيد الأضحى المبارك، قدّمت “فرقة التراث الموسيقيّ العربيّ” بقيادة د. هيّاف ياسين أمسية من التقليد الموسيقيّ المشرقيّ العربيّ الفنّيّ على مسرح “برج السباع” في منطقة الميناء – طرابلس – شمال لبنان.
وتألّفت الفرقة من: د. هيّاف ياسين (قيادة وعزفًا على آلة السنطور وغناءً)، أ. كريستو العلماويّ (غناءً منفردًا وعزفًا على العود)، ديامونت كوين شعيا (غناء منفردًا)، غيرونيكا حنّوش (عزفًا على آلة الكمنجة) أ. ناجي العريضيّ (عزفًا على آلة رقّ) وآندريس الترس (عزفًا على آلة الدربكّة). وبحضور جمهور غفير، يحبّ أجواء الطرب في موسيقى عصر النهضة العربيّة، قدّمت الفرقة ثلاث وصلات موسيقيّة بكثير من الحرفيّة والاتقان من ثلاثة مقامات أصيلة هي الراست والحجاز والبيّاتيّ.
البداية كانت مع عزف “سماعي ثقيل راست” تلحين طاطيوس إكسرسيان أفنديّ \تركيّا (1858-1913)، ثمّ “تقاسيم” لآلة الكمنجة، بعدها “دولاب” عزفيّ من تراث عصر النّهضة، فَوَصلة من أربعة موشّحات هي تباعًا: “أحنّ شوقًا” المنسوب تلحينه إلى عبد القادر المراغيّ (أذربجيان، القرن 14م.)، موشّح “يا هلالا” المجهول التلحين من عصر النهضة، وموشّح “ياشادي الألحان” تلحين سيّد درويش\مصر (1892-1923) فموشّح “ملا الكاسات” تلحين محمّد عثمان\مصر (1855-1900). وتخلّل الأداء تقاسيم لكلّ من آلة العود وآلة السنطور، وموّال سبعاويّ بعنوان “خلّ السقاني”. لتختم الوصلة الأولى بأهزوجة “غنّي لي شويّ” تلحين زكريّا أحمد\مصر (1896-1961).
ثمّ كان الانتقال إلى وصلة الحجاز التّي استهلّت بعزف “دولاب” من تراث عصر النّهضة العربيّة، تبعتها “تقاسيم” مرسلة لآلة السنطور، فموّال سبعاويّ بعنوان “يا لائميّ في الهوى العذريّ”، ثمّ وصلة قدود تألّفت من “على العقيقي”، و”فوق النّخل” و”قدّك الميّاس”.
وبعد إلحاح من الجمهور الذي كان يستمع بشغفٍ ومتعة، ومطالة منه بمواصلة الأداء، قدّمت الفرقة فاصلًا ثالثًا من مقام البيّاتيّ، حيث شرعت “بِدولاب” بيّاتي من تراث عصر النهضة، و”تقاسيم” مرسلة لآلة السنطور، فقصيدة مرسلة بعنوان “لمّا دعانا الغرام”، والختام مع أهزوجة “إبعت لي جواب” تلحين بكري الكرديّ\سوريا (1909-1978). يذكر أنّ الفرقة قد تأسّست “فرقة التراث الموسيقيّ العربيّ” عام 2003، وفي رصيدها 15 إصدارًا موسيقيًّا، وهي قد جالت مسارح عديدة في العلمين العربيّ والغربيّ، وتلتزم بأداء الموسيقى المقاميّة الأحاديّة الخاصّة بعصر النهضة العربيّة (1798-1939)، سواء أكانت دينيّة أم دنيويّة، شعبيّة أم فنّيّة؛ وتتقاطع في هذا الطرح مع شعار “طرابلس عاصمة للثقافة العربيّة للعام 2024″. وهي تأخذ شكل “التخت الموسيقيّ” العربيّ الأصيل (مجموعة صغيرة ومحدّدة من الآلات الموسيقيّة) وِجْهَتُها المقامات الموسيقيّة الأحاديّة السبعة (الراست – البيّاتيّ – السيكاه – الصبا – الحجاز – العُشّاق والجَهاركاه)، وأسلوبها أداء الوصلات المقاميّة مع تجديد وإبداع من الدّاخل دون الاستعانة بعناصر دخيلة، وسِمَتُها الارتجال الفوريّ والطارئ الذي يتجلّى في أجمل القوالب الموسيقيّة وهي: التقاسيم عزفًا، واللّياليّ والموّال والقصيدة غناءً.